مقدمة تاريخية ( فكرة إنشاء الصندوق وتطورها .. )

بعد الاستقلال وبداية عصر النهضة في دولة الكويت ، بدأت مجموعة من الأطباء في نهاية الستينات تراودهم وتلح عليهم فكرة التكافل والتضامن فيما بينهم لمواجهة احتمالات تعرض أحدهم لبعض الكوارث الاجتماعية متمثلة في حالات الوفاة أو العجز الكلي ، فكانت أن اتحدت واتجهت إرادتهم تلقائيا لجمع مبلغ من المال ، يساهم فيه كل منهم بمقدار عشرة دنانير ، ويتولى أحدهم أو بعضهم جمعه وتسليمه للأسرة المعنية .

وفي بداية السبعينات ، وبعد أن ازداد عدد المشاركين وزادت قناعتهم بالآثار الإيجابية والنتائج الملموسة لفكرة التكافل ، اتفقت واتحدت الآراء على تقنين هذه الفكرة تحت مظلة ” الجمعية الطبية الكويتية ” لتوفير عناصر الاستمرارية والدقة والالتزام في تحصيل الاشتراكات وصرفها ، وأيضا لإتاحة الفرصة لانضمام أعضاء الجمعيات المهنية الأخرى ( الصيدلة – الأسنان ورابطة البيطريين ) إلى مسيرة التكافل الوليدة ، فكان أن أعلن عن بداية العمل بالصندوق في الثاني من فبراير ١٩٧٢م .

وفي كل يوم كان هذا النظام يزداد رسوخا بعد أن امتدت رعايته الاجتماعية لتغطي حالات أسر العديد من الأطباء والصيادلة فكان له الفضل في معاونتها وشد أزرها في مواجهة مواقف عصيبة وغير متوقعة .

وفي بداية الثمانينات ، كان المشروع قد تعاظم إلى درجة كبيرة فكان من الطبيعي أن يتطلع الرواد في هذا النظام إلى تقديم فكر جديد يواكب تساؤلات البعض : لماذا يقتصر هدف المشروع فقط على مواجهة حالات الوفاة والعجز الكلي؟! ولماذا لا تمتد الرعاية الاجتماعية حال حياة العضو بعد انتهاء خدمته لدى جهة العمل ؟!

ومن هذا المنطلق نشأت فكرة إضافة طابق جديد في البنيان وهو صندوق ” ترك الخدمة ” إلى جانب صندوق الوفيات والعجز الكلي الذي يعتبر اللبنة الأولى للصندوق  .

وفي هذا الشأن كرس بعض الزملاء من قدامى الأطباء والصيادلة كثيرا من وقتهم وجهدهم وفكرهم دون مقابل لإخراج هذه الفكرة إلى واقع التنفيذ مع الاستعانة بالمستشارين القانونيين والإكتواريين .

وكان أن انعقدت الجمعية التأسيسية في مايو ١٩٨٥م وأقرت نظاماً أساسياً للصندوق بواقعه الجديد تحت مسمى ” صندوق التضامن الجماعي لأعضاء جمعيات المهن الطبية الكويتية ” وتقرر أن يبدأ نشاطه الرسمي في الأول من يناير ١٩٨٦م . بعد أن وجد المؤسسون في شخص أحدهم وهو الدكتور . عبد الرحمن العوضي وزير الصحة حينذاك – العون الكبير … حيث وافق على إسناد مهمة تحصيل اشتراكات الأعضاء للجهاز المالي بالوزارة واستقطاعها شهريا من رواتبهم مباشرة لحساب الصندوق .

وفور الإعلان عن إنشاء هذا النظام الواعد بصورته الجديدة ، أقبل المئات من مختلف جمعيات المهن الطبية للانضمام إلى عضوية الصندوق ليكون إعلانا مبكرا وحاسماً لنجاح فكرة الصندوق حتى بلغ عدد المشتركين بعد أربع سنوات وتحديداً عند نهاية يوليو ١٩٩٠م من مختلف الجمعيات المهنية ٢٧١٤ عضواً .

واستمر اندفاع مسيرة الصندوق حاملا لواء التضامن ، حتى توقف قهرا وقسرا في الثاني من أغسطس ١٩٩٠م بسبب محنة الغزو العراقي لدولة الكويت .

وبعد التحرير عاد الصندوق في ٢٥ مارس ١٩٩٢م نشاطه وفعالياته بإرادة مشتركة من أعضائه الذي بلغ عددهم ١١٦٨ عضوا ممن استمروا في العمل أثناء الغزو أو ممن عادوا للكويت بعد التحرير ، بعد أن احتسبت للأعضاء غير المستمرين حصتهم في التصفية الحكمية فيما أطلق عليه – قسمة الغرماء – حفاظا للحق وردا للأمانات . 

كما قام الصندوق بدافع إنساني محض وإعمالاً لمبدأ التكافل والتضامن مع أسر ألمت بها المحن بتخصيص مبلغ ٢٠٣٠٠٠,٠٠ د . ك من أموال الصندوق لعدد ٢٩ حالة وفاة حدثت جمعيها لمشتركين غيبهم الموت خلال الفترة من أغسطس ١٩٩٠ إلى فبراير ١٩٩٢م .

وفي عام ١٩٩٤م ، كانت الطفرة في مزايا الصندوق قد تحققت ، عندما أقرت الجمعية العمومية للصندوق العمل بنظام المزية الإضافية والتي تقوم على فكرة توزيع حصيلة مساهمات المشتركين خلال عام ( من صندوق إضافي ) على الأعضاء الذي تنتهي عضويتهم خلال نفس العام وفق نظام محاسبي خاص . وكان أن زادت نسبة المبالغ التي يحصل عليها المشترك عند انتهاء عضويته .

وشهد الصندوق خلال الأعوام التالية مزيداً من التطور ، حيث تم إدخال تعديلات متوالية على نظامه الأساسي استلزمتها متطلبات التحديث والتطوير ووفق مقتضيات تطلبتها الضرورات الفنية والقانونية التي كشف عنها تطبيق أحكام النظام الأساسي على مدى الأعوام السابقة.. فجاءت محققة لرغبات العديد من المشتركين .. وللغاية المنشودة منها وهي تحقيق مصالح المشتركين والمستفيدين من بعدهم .